فستان الطلاق بقلم حور حمدان

فستان الطلاق بقلم حور حمدان

فرح أخت جوزي كان بعد أيام بسيطة، وكنت مختارة فستان معين.
لكن أول ما وريته لجوزي، اتعصب ورفض نهائي.

بعدها بيوم، لقيته باعتلي مسدج بالفستان ده وبيقولي:
_ إيه رأيك في الفستان اللي اشتريته ليكي؟

أول ما شفته اتخضيت! إزاي هيسمحلي ألبس فستان كده أصلًا؟ ولا إيه منظره ده؟
قولتله بعصبية:
_ ذوقك يقرف.!

لكن عمري ما كنت أتوقع ردّه أبدًا…
_ أنا ذوقي يقرف؟ طب أنتِ طالق…
اتسمرت قدام الموبايل، عيني بتقرأ الرسالة كأنها مكتوبة بدم “طالق”.
الكلمة دي ما كانتش بس نهاية جوازة، كانت زي سكينة دخلت جوة روحي.

كتبتله بسرعة وأنا مش قادرة أتنفس:
_ أنت بتهزر ولا إيه؟

الرد جه بارد، جاف، أي أمل:
_ لا، مش بهزر… أنا مش هقبل مراتي تقلل مني بالشكل ده.

كنت بحاول أفهم، إزاي ذوق في فستان يقلب حياتي؟! بس جوايا كان فيه إحساس غريب بيقول لي إن الموضوع مش مجرد فستان… في حاجة ورا الموضوع.

نزلت من البيت، وصلت لبيت أهلي، وأول ما فتحت لي أمي الباب، انهارت قدامها.
حكيت كل حاجة، وهي كانت مصدومة بس بتحاول تهديني:
_ اهدي يا بنتي… يمكن في حاجة تانية مزعلاه.

سبتها ودخلت اوضتي الاوضة الي فيها كل ذكرايات طفولتي، دماغي مش قادرة توقف عن التفكير… افتكرت نظرات غريبة من أخت جوزي في آخر مرة شفتها، وضحكة صغيرة ما

كنتش فاهمة معناها.
وأفتكر إنها قبلها بيومين قالت لي كلمة علقت في دماغي:
_ مش كل واحدة تتجوز أخويا هتفضل موجودة…

 

ما اهتمتش وقتها، لكن دلوقتي… كل حاجة بدأت تتركب زي قطع البازل.

حاولت انام بعد كل الارهاق الي حسيت بية دا وفعلا بدات اروح في النوم

تاني يوم صحيت وقومت قعدت وانا بحاول اقنع نفسي ان دا مجرد حلم بس للاسف هو حقيقة مسكت الفون وبقيت اقلب في الرسائل القديمة بيني وبينه… لحد ما وقعت على محادثة قديمة كان باعتها لي بالخطأ.
كانت رسالة صوتية… صوته واضح، لكن كان بيتكلم مع حد تاني… صوت أخته.

فتحت التسجيل وقلبي بيخبط:
_ شوفي يا سهى أنا زهقت منها… بس مش لاقي سبب أطلقها.
_ ضحكت وقالتلة سيبها عليّ… أنا هخليها توقعك فيها. هتتشوف يومها، وهي بنفسها اللي هتخليك تطلقها.

حسيت الأرض بتتهز تحتي، كنت فاهمة إنها مش بتحبني، بس عمري ما توقعت إنها تخطط لخرابي بالطريقة دي.
الرسالة دي وضحت كل حاجة… الفستان ما كانش ذوق ولا خلاف بسيط، كان فخ، وهي اللي بعثت له الصورة وخططت إنه يستفزني عشان أقول كلمة تخلّيه يبرر الطلاق.

الغضب اللي جوايا بدأ يتحول لبركان… دماغي مش بس بتفكر في اللي حصل، لكن في اللي هيحصل لها.
وأنا بتقلب في الصور على الفيسبوك، لقيت إعلان فرحها… بعد أسبوعين.

ابتسمت لأول

مرة من يوم الطلاق… بس المرة دي ابتسامة مريبة، باردة… ابتسامة حد قرر ينتقم.
عدت الايام ومن يوم ما سمعت الرسالة الصوتية وأنا دماغي شغالة على خطة… مش أي خطة، لا، أنا كنت عايزة حاجة تخلّيها تفتكرني طول حياتها… لو فضلت عايشة أصلًا.

 

قضيت الأيام اللي قبل الفرح في صمت… بس ورا الصمت ده كان في شغل كتير.
أنا عارفة حاجات عن بيتهم، أماكن المفاتيح، ترتيب الأوض، حتى أوضة أخت جوزي. وأهم حاجة اعرف سر هي مش عايزة حد يعرفه: هي مهووسة بالحاجات الغريبة، بتحب تجيب تماثيل قديمة وتمائم “تحصين”، وتصدق في طقوس ملهاش أي أساس.

قبل الفرح بيومين، روحت بيتهم وقت ما كانوا في قاعة البروفة، وفتحت أوضتها. ريحة بخور خانقة، تماثيل حجرية صغيرة، وورق فيه رموز غريبة.
بدلت بعض التمائم اللي كانت بتحطها تحت سريرها بحاجات أنا حضرتها… حاجات هتخليها تشوف اللي يخلي عقلها ينهار.

وجِه يوم الفرح… الكل في القاعة، أضواء، موسيقى، ضحك… وأنا قاعدة على طاولة بعيدة، لابسة فستان أسود أنيق، هادية بشكل يثير القلق.
هي كانت على الكوشة، ضحكتها عالية، بتبصلي بس بتتجاهل وجودي.

عدّت أول ساعة، وكل حاجة ماشية طبيعية… لحد ما بدأ النور يخف فجأة كأنه بيهنّج.
الفرقة سكتت، الضيوف بدأوا يبصوا حوالينهم، والهواء في القاعة بقى تقيل.

هي في الأول كانت فاكرة إن ده لعب إضاءة، بس وشها اتغير أول ما شافت حاجة…

 

على حسب ما الناس قالت بعد كده، محدش غيرها كان شايف… لكن أنا كنت عارفة.
شافت في آخر القاعة راجل طويل جدًا، ملامحه مش واضحة، عينه سودة كأنها حفرتين، واقف وبيثبت نظره عليها.
صرخت، قامت من مكانها، والكل اتلخبط.

كانت بتبص حواليها زي المجنونة، وتقول بصوت عالي:
_ ابعد عني! مش أنا اللي عملت كده… هي السبب… هي السبب!

الناس كانت مصدومة، وبتبص عليا… وأنا كنت بشرب عصيري بهدوء، كأني بتفرج على فيلم.
هي جريت ناحية الباب، لكن فجأة النور انطفى ثانياً، وصوتها اختفى… ولما النور رجع، كانت واقفة في نص القاعة، جسمها بيتشنج، وعنيها مفتوحة على آخرها.

الإسعاف جت، والفرح اتقلب جنازة، العريس كان واقف مذهول، وأمها منهارة.
وأنا… قمت بهدوء، ومسكت شنطتي، ومشيت وسط الزحمة، والابتسامة الباردة لسه على وشي.

بعدها بيومين، عرفت إنها في المستشفى، بتتكلم مع نفسها، وتقول إنها بتشوف الراجل ده كل ليلة… وإنه بيقف عند سريرها، وما بيروحش إلا لما تصرخ.

*دي قصة حقيقية وحتى صحبتها قالتلي نصً
انا ندمانة اني عملت حاجة زي دي وعارفة ان توبتي مش كفاية بس بتمتى ربنا يغفرلي ويسامحني بس عملت كدا بدون وعي حقيقي كنت مقهورة
بس انا عارفة ان

عقاب ربنا مش هيكون هين وانا مش هقدر اتحمله

 

#تتمت
#فستان_الطلاق
#حكاوي_كاتبة
#حور_حمدان



0 التعليقات

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Oops!
It seems there is something wrong with your internet connection. Please connect to the internet and start browsing again.